الولوج المباشر
رحلة الكتاب: صناعة إبداعية ممتدة في الزمن
برنامج "كتاب ومؤلف"

المكتبة


نشأتها

جاء إنشاء مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية وخاصة مكتبتها العامرة في بداية الثمانينيات من القرن العشرين وفتح أبوابها أمام القراء في صيف سنة 1985 ليملأ فراغا كبيرا في باب وفرة الوثائق في مجالات الدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية والاجتماعية. وهو فراغ عانى منه الباحثون والطلبة الجامعيون بل والعديد من المهنيين.

عكفت المؤسسة في السنوات الأولى لقيام مكتبتها على تكوين نواة أولية من الوثائق (كتب ودوريات) على خلفية توجه موسوعي توخى توفير أمهات المراجع والموسوعات في مختلف الحقول العلمية التي تغطيها خطة التزويد. وهكذا تمكنت من توفير حوالي 60.000 مرجع في لغات العمل الرئيسية (العربية والفرنسية والإنجليزية).

خطة تكوين المجموعات وإغنائها

أن تتبع مصالح المكتبة الإنتاج الأكاديمي والفكري العالمي في مجالات اهتمامها وتوفر لقرائها زبدته أمر جيد، لكن إدارة المؤسسة ارتأت أن تنهج خطة جديدة في شأن تكوين المجموعات تجعل من مكتبتها المرجع الأساس في باب الدراسات المتعلقة بالبلاد المغاربية والغرب الإسلامي قديما وحديثا. وهكذا شرعت بداية سنة 1989 في عملية تهدف إلى الحصول على أقصى قدر ممكن من الوثائق التي تُعنى بهذا الفضاء بما فيها الأعمال الأدبية. وما دامت المكتبة تتوجه إلى الأكاديميين والباحثين والطلبة المتقدمين علاوة على المهنيين المشتغلين في أسلاك الإعلام والقضاء وغيرها، فإنها اعتمدت خطة لا تقتني بموجبها الكتاب المدرسي والأدب العالمي، إلخ. (أنظر ميثاق التزويد)
ولتفعيل هذه الخطة وفرت المؤسسة تدريجيا الكفاءات البشرية وعبأت الآليات وأقامت شبكة من العلاقات مع المكتبيين والناشرين والموزعين والمؤلفين تسمح لها بالحصول على أكبر قدر من المعلومات حول ما يجري في عالم الكتاب حتى تتمكن من اختيار وانتقاء ما يتماشى وخطة التزويد. كما أقامت المؤسسة خلال ما يقارب ربع قرن من العمل شبكة مهمة من العلاقات مع المؤسسات العلمية والمكتبية عبر العالم تلعب دورا مهما في إغناء الرصيد الوثائقي بواسطة التبادل والإهداء.
ولم تكتف المكتبة بالحصول على الوثائق المطبوعة على الورق والمصغرات والأشرطة بل واكبت التطور المعاصر لصيغ نشر وإشاعة النصوص والمعلومات، فأخذت بخطة تشكيل مكتبة رقمية عن طريق الاشتراك في قواعد بيانات نصية يتم الوصول إليها عبر الإنترنت أو عن طريق الأقراص المدمجة.
هكذا صارت مكتبة المؤسسة وجهة الأكاديميين ومحج الباحثين الراغبين في الإطلاع على ما كتب ويكتب عن الفضاء المغاربي والغرب الإسلامي وعن العالم العربي-الإسلامي وكذا على آخر المستجدات النظرية والمنهجية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

التكنولوجيات الحديثة

          نظام المعلومات

مواكبة للتطور المستمر الذي تعرفه تكنولوجيات الإعلام والاتصال خاصة في مجال إدارة المكتبات والمعلومات، شهد نظام إدارة مكتبة المؤسسة تطورا ملحوظا مر عبر أربعة مراحل:

المرحلة الأولى: نظام إدارة قواعد البيانات ذي الحاسوب المركزي (MINISIS)

تتمثل أول تجربة خاضتها المؤسسة على مستوى المعالجة الآلية لمختلف عمليات الفهرسة والتكشيف والتصنيف في اقتناء نظام مينيزيس لإدارة المكتبات. ولم يقع اختيار المؤسسة على هذا النظام اعتباطا وإنما اختير لكونه يتيح إمكانية معالجة الخط العربي.
ولقد اعتمد هذا النظام في إنشاء أول قاعدة بيانات وصفية خاصة بالكتب والدوريات ألا وهي "موسوعة". ثم اعتمد بعد ذلك في إنشاء قاعدة بيانات أخرى متخصصة في البلاد المغاربية ومحيطها الجغرافي والتاريخي والثقافي سميت "ابن رشد". وإذا كان هذا النظام قد أسدى للمؤسسة خدمات قيمة في أولى سنوات نشأتها، فإن عيوبه أخذت تطفو على السطح مع توالي السنوات خاصة على مستوى تدبير ميزانية المقتنيات وتصفح قاعدة البيانات والوصول السريع إلى المعلومة البيبليوغرافية وغيرها، الشيء الذي دفع بالمؤسسة إلى التفكير في البديل.

المرحلة الثانية: حلول مؤقتة

في ظل بروز نواقص برنامج MINISIS ، عمدت المؤسسة إلى البحث عن نظام آخر يحترم عددا من المبادئ:

مبدأ التنوع اللغوي، فيكون بمقدوره معالجة لغات عدة بما فيها اللغة العربية؛
مبدأ الاندماج، بالتوفر على أنظمة فرعية للاقتناء والفهرسة والدوريات والإعارة؛
مبدأ الانفتاح، بحيث يسمح بتصدير واستيراد البيانات البيبليوغرافية؛
مبدأ نشر المعلومة، بأن يمكن من استخراج المعلومة البيبليوغرافية ونشرها وتوزيعها؛
مبدأ الاقتصاد، حيث يشترط في هذا البديل أن تكون تكلفته مقبولة مقارنة بجودته.

وفي انتظار العثور على نظام بهذه المواصفات، كان لزاما على المؤسسة إيجاد حلول مؤقتة. وهكذا شُرع في إنشاء قاعدة بيانات ضمن منظومة المحطة الخادمة والمحطات الزبونة باعتماد SQL Server 
وWindows NT على الأولى وباستخدام قواعد بيانات Acsess و Visual Basic على الباقي. وكانت هذه التجربة لحظة أساسية سمحت للمبرمجين من داخل المؤسسة بحل العديد من الإشكالات الخاصة بالخط العربي سواء على مستوى تخزين البيانات وفهرستها أو على مستوى استرجاعها. 

المرحلة الثالثة: العمل على استقرار مكونات نظام المعلومات وعقلنتها

دخلت المؤسسة في السنوات الخمس الأولى من القرن الحالي مرحلة ثالثة تمثلت في التركيز على ضبط قواعد البيانات المتواجدة وتحسين جودتها. وخطت المؤسسة في هذه المرحلة خطوات كبيرة تمثلت في تكوين ملفات استنادية للمؤلفين ولهيئات المؤلفين وللمجموعات وللناشرين وفي إعادة برمجة مكنز ابن رشد وبرمجة آليات تصنيف ديوي. وكُلّلت هذه الخطوات بإطلاق البوابة الإلكترونية لمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية التي تضم فهرسا إلكترونيا (OPAC) وبإصدار قرص مدمج خاص بالدراسات المتعلقة بالبلاد المغاربية ومحيطها الجغرافي والتاريخي والثقافي يحمل عنوان "الفهرس المغاربي" سنة 2005 وآخر خاص بالترجمات العربية في عنوان "ترجمة العلوم الإنسانية والاجتماعية في العالم العربي المعاصر" سنة 2007.
ومع مرور الوقت وفي ضوء التطورات المتسارعة التي شهدها ويشهدها عالم التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال وكذا حاجة المؤسسة ومكتبتها للاندماج في شبكات المعلومات والمكتبات نظرا لما يسمح به ذلك من تبادل المعلومات والاقتصاد في إنتاجها، أصبح لزاما على المؤسسة التوفر على نظام معلومات مندمج وحديث.
وللمساعدة في الإجابة على السؤال التالي: أي نظام نعتمد، هل نبنيه عن طريق البرمجة الخاصة بالمؤسسة أو نشتري برنامجا متكاملا ؟ طُلب من شركة متخصصة في أنظمة المعلومات إجراء تفحص لمنظومتها. وجاءت نتائجه لتؤكد على الإنجازات التي حُققت على المستوى الداخلي من حيث المهارات المعلوماتية والتوثيقية والإعلامية وبخاصة في التعامل مع الخط العربي وكذا على ضرورة الانتقال إلى مستوى أرقى. فوجب اختيار أحد الحلين: إما مواصلة سياسة البرمجة الداخلية حتى وإن اقتضى الحال الاستعانة بشركات متخصصة في البرمجة المعلوماتية، مما سيُكسب المؤسسة استقلالية عن منتجي البرمجيات ويضمن لها استمرارية الخدمات، وإما الاستعانة بما توفره السوق من برمجيات تقدم آخر ابتكارات تكنولوجيا الإعلام والاتصال، فيكون على المؤسسة بذلك تحضير دفتر تحملات تحدد فيه شروطها ومتطلباتها.

المرحلة الرابعة: نظام المعلومات "الأفق" (Horizon) / "سمفونيا" (Symphony)

بعد دراستها لمجمل العروض التي تلقتها من ناشري البرامج وشركات البرمجيات وقيامها بتجارب على المستويين الداخلي والخارجي وتتبعها لتطور أداء أنظمة المعلومات والأنظمة المتكاملة لإدارة المكتبات، استقر رأي المؤسسة في نهاية المطاف على اقتناء برنامج Horizon في طبعته الثامنة التي تستجيب إلى حد ما لتطلعات المؤسسة أكثر من طبعاته السابقة. ولقد قامت الشركة التي استوعبت الشركتين المتنافستين اللتين كانتا تصدران برنامجي Horizon وUnicorn، بتطوير برنامج جديد يسمى Symphony، اعتمد على نقط القوة في البرنامجين السابق ذكرهما.
بالإضافة إلى كونه معربا، يتوفر هذا النظام على أنظمة فرعية خاصة بالفهرسة والإعارة والدوريات والاقتناء والمعلومات. وسيساعد هذا النظام على تحسين إدارة المكتبة والمعلومات وسيوسع من دائرة تفاعل مكتبة المؤسسة مع المكتبات العالمية حيث إنه يتيح فرصة تبادل المعلومات البيبليوغرافية مع مكتبات أخرى تتوفر على بروتوكولات التبادل وخاصة بروتوكول Z 39.50.
ومن أجل انخراط فعال في مشروع التبادل المتمثل في الفهرس العربي الموحد الذي أسهمت فيه منذ البداية، اختارت المؤسسة صيغة التبادل MARC 21. وما زالت تعتمد معايير التقنين الدولي للوصف البيبليوغرافي (ISBD) في انتظار تنسيق شامل بين هذه الأخيرة وقواعد الفهرسة الأنجلو أمريكية.

الرقمنة

في إطار مواكبة انتشار الدوريات الإلكترونية وبنوك المعلومات الخاصة بها، اشتركت المؤسسة عبر شبكة الإنترنت في قاعدة البيانات Academic Search Premier المتاحة لدى وكالة المعلومات EBSCO. وتضم هذه القاعدة نصوصا كاملة لعدد كبير من الدوريات الأكاديمية التي تغطي العديد من التخصصات كالتاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم النفس والفلسفة والاقتصاد والقانون وعلوم الأديان والتربية واللسانيات والأدب وغيرها. ويمكن لجميع رواد المكتبة استخدام هذه القاعدة مجانا من داخل مبنى المؤسسة.
وشرعت المؤسسة منذ سنة 2002 في توفير معلومات عن مضامين الدوريات المغاربية الحية. وانطلقت ابتداء من سنة 2007 في إنجاز مشروع كبير متمثل في رقمنة مجموع الدوريات المتوفرة في مكتبتها (حوالي 170 000 عدد إلى حدود دجنبر 2008) ونشر صور الفهارس ضمن بوابتها على الإنترنت. 
ولقد أسندت مهمة الرقمنة إلى شركة خاصة، فتمت إلى حدود 31 دجنبر 2008 تغطية 546 مجموعة أي ما يعادل 32 396صفحة.