السعادة 

سيدي الفاضل 

وصلني كتابك الكريم الذي به تخبرني أنك كاتب لسيادة وزير المالية ليهتم في أمري ولحسن الحظ قد وصل الكتاب المذكور يوم وصول كتاب سيادة وزير المالية يكلفني بالنيابة عن أخي في ترجمة ادارة جمعية الأشغال العمومية حيث ان ميثال مازال مستغرقا في اشغال مجلس تعويضات الدار البيضاء وفي هذا الان كفاية غلى أن يقدم سيادة الوزير إلى طنجة حيث وعدني في كتابه أنه سيهتم في امري جزاه الله خيرا وعشت انت وأبوك

قلنا جدا لما أصاب سيادة الصدر في المرض شفاه الله وطيه كتاب سيادته ارجوك دفعته له أبدا لعواطف اصدقاءكم نحوه

سألتني فذلك في الأحوال الاجنبية هاك بعض ما حضرني من الحوادث الأخيرة

ايطاليا اليوم غير واثقة بحسن نوايا انجلترا في شان طرابلس الغرب ولا في نوايا فرنسا لان تلك الايالة جاءت متوسطة ما بين أملاك الدولتين مصر والسودان الانكليزي والصحراء الفرنساوية من ناحية بحيرة تشاد. وإن يكن الاتفاق الذي أبرمه ذلك سنة 1904 ينص على ترك النفوذ السياسي لايطاليا في طرابلس الغرب.

وعند زيارة مستشار امبراطورية ألمانيا أخيرا لايطاليا عقد اتفاقا مع هذه الدولة نصه المحافظة على أملاك تركيا في افريقيا كما بلغت ايطاليا سعي تركيا رسميا ذلك. وحتى الان لم يظهر اذا كانت هذه الاتفاقية تتضمن المحافظة على سيادة تركيا لمصر وتونس أم لا ولا غرو ان وراء الأمة شيء لم يتبين ظاهره بعد.

ثم إن الاصبنيول أميل إلى مانسمان في مسألة معادن الريف أكثر من ميلهم الى الاتفاق مع الشركة الاولية ولا غرو أن الرأس الألماني لم يكن منشرحا في تقرير دولته في رفض امتيازات مانسمان

زد على هذا فانكلترا في موقف حرج أمام مزاحمة ألمانيا ولولا اتفاقها مع فرنسا وروسيا لكان نشبت ثورة في بلادها

اما اهتمام انكلترا وفرنسا اليوم ففي تقوية جيش روسيا للوقوف موقف التهديد للالمان وكلاهما يسعيان الى تقريب الصلة ما بين النمسا وروسيا ولعل النجاح الذي صادقناه في هذا الامر كان الداعي إلى ميل ألمانيا لإيطاليا عدوة النمسا وحليفتها معا لأن الاتفاق النمساوي الروسي أخيرا في مسألة البلقان كان على غير ضا من ألمانيا

وفي هذا البيان الوجيز يتبين لك يا أخي أن السياسية الاوربية في بحر نوم عميق ستفيق منه بعد هذا السبات الطويل.

فعلى المغرب أن يجاري الأحوال السياسة خصوصا مع فرنسا ويظهر لها بمظهر الصديق لانه إذا اررتبكت الأحوال الأوربية وارتبكت سياسة فرنسا وحافظ المخزن على صداقتها بلغها خيرا يستوقيه منها بعد ذلك باسقاط كثير مما تثبتت به الان والسياسي الحكيم من يراقب الظروف والاحوال وينتفع منها.

كتبت جرائد الاصبنيول خبر طلي الرواق القاطنين في المصلى من طنجة الحماية الاصبنيولية من سفير الاصبنويل لأن عامل طنجة يكلفهم فوق طاقتهم من الضرائب ونشرت جريدة الوبانتي ذلك فكتب باشدور الاصبنيول يكذب الخبر ويتبرأ مما نسب إليه.

زكى أظهر الاشمئزاز في تعييني للأشغال العمومية فاكتب له وقل له إن يكون زكيا في كل معز الكلمة وإذا لأن فعلا يجب المقري وأولاده فليجب من يجبهم فنجيب إلى قلبي حبيب حبيبي زد على هذا فكل وعمله وهو في الجمعية ونحن في الادارة إنما حب الاثرة بحلو دون عاطفة النفس فهو يجب ان يستقل بكل شيء حتى أصبح اليوم أمام الاجانب الرجل الفرد لا وجود فيه لا لوزير المالية ولا لنائب ولا للمخزن ولا مدير الأشغال ولا للنائب ولا ولا  مع أنه غالط في هذا الامر لأن حصره الأشغال في اللجنة وخصوصا ما هو بين من مما يزيد سلطة الاجانب إذ ان الأغلبية لهم فيها وكان الأحرى به أن يقوي سلطة إدارة الأشغال العمومية ويترك اللجنة كما نص عنها المؤتمر منفذة لأوامر المصلحة الفنية أما حصره السلطة في اللجنة فقد غل يد المخزن واصبح مضطرا أن يصادق على كل شيء تقرره تلك اللجنة

زد على هذا فزيادة تعمير الادارة في اللجنة بالمستخدمين واهلاك راس مال الصندوق الخالص عند كل بادرة وفي اشياء بغنى عنها ما يجر الصندوق الخاص إلى عقد سلف يوما ما تكون ضمانته الضربة القاضية على مالية المخزن

وقد صدر بي إلى الكتابة في هذا الموضوع حبي لكم واسناد المالية لكم ولو أن الأمر في غير يدكم لقلت اهل مكة اردى بشعابها ولعلي غالط ولعلي مصيب. ولابد من ضابط وقانون بجميع هذه المصالح حتى لا يتسلط زيد في الناس على اعمال عمر وهذا الضابط أصبح اليوم في معرفة وزير المالية ولا غرو أنه منفذه عند رجوعه غلى طنجة سلامي للحاج حماد وليعجل لنا بالقدوم فقد اشتقنا إليه باشدور الانجليز رجع إلى طنجة والمنبهي زاد الريسوني في المحلة ويدخل اليوم المدينة .

سرني جدا كتابك الاخير هب لي مثله في كل أسبوع وهو حبيبي ادامك الله وابقاك للداعي لك بطول العمر ودومها

طنجة في 16 أبريل 1910